نكهة لبنان التي لا تغيب

في لبنان، لا تكتمل تجربة السياحة من دون نكهات المطبخ التي تختزن ذاكرة القرى وروح المواسم. هنا، لا يُقدَّم الطعام فحسب، بل يُروى عبره تاريخ. من أصول "المونة" التي كانت تخزّنها الجدّات لمواجهة الشتاء، إلى تجربة "طاولة" حيث تتحوّل الزراعة إلى ضيافة، يلتقي الزائر بالمذاق الأصيل المحفور في الأرض والحواس

سوق الطيب

المطبخ اللبناني و"حبّة مسك" مع كمال مزوّق

حين يصبح الطعام وجهة سياحية

ولاحقاً، تحوّلت صورة  ماكرون أمام "Le Chef"  إلى رمز. ليس للتضامن الفرنسي فحسب، بل لصمود بيروت، ولمكانٍ بسيط استطاع أن يحتفظ لنفسه بمكانة استثنائية في ذاكرة الناس.

لم نكتفِ بمجرد زيارة المطعم، بل خضنا في أعماقه، إلى حيث تبدأ الحكاية. استقبلنا الشيف بول داخل المطبخ، ذاك القلب النابض بكل نكهة. هناك، تفوح روائح تختلط بالحنين والتراث، برائحة الأهل وذكريات الطفولة. للحظة، تنسى أنك في مطعم، فـ"الطناجر" القديمة تغلي فوق النار كما في بيت الجدّة، والمكان بأكمله يبدو وكأنه يعيدك إلى زمنٍ دافئ... إلى بيت الست، حيث كل شيء يطهى بحب.

وقف الشيف بول أمامي، وبدأ يعلّمني بعضاً من تكتيكات الطبخ الدقيقة، من تقطيع الشمندر بأحجام متساوية، إلى كيفية التعامل مع الطماطم. للوهلة الأولى شعرت بالفرح، رغم أن ما يعلّمني إياه ليس جديداً عليّ، فقد اعتدت القيام بذلك مراراً. لكن طريقة التوجيه، والاهتمام بالتفاصيل، جعلا الأمر أشبه بلحظة دافئة بين جدّ يورّث أسراره لحفيدته... فيها مزيج من الحنان والخبرة والذاكرة.

وهكذا، خرجنا من "Le Chef" ولسان حالنا يقول إن بعض الأماكن ليست مجرد مطاعم، بل محطات وجدانية. في زواياه تختبئ حكايات مدينة، وفي أطباقه نكهة من بيروت التي تأبى الانكسار. لم تكن التجربة مجرّد تذوّق لطعام شهي، بل رحلة في الذاكرة، وهي سرد حيّ لتراث عائليّ كتب بالحبّ والصبر. هنا، في هذا الركن الصغير من الجميزة، ما زال الطبق اللبناني يطهى على نار الهوية، وتقدَّم الوجبة كما يجب أن تكون: بسيطة، أصيلة، وصادقة.

يلفت مزوّق إلى الترابط الوثيق بين المطبخ والسياحة، قائلاً: "بين الطعام التقليدي والسياحة علاقة جوهرية. نطلب الطعام التقليدي للبلد الذي نزوره لكي نتعرّف عليه"، مشدداً على أنّ استكشاف بلد ما لا يتمّ فقط من خلال صوره، بل من خلال اختبار نكهاته. فـ"الطعام هو تعبير وطريقة صادقة للتعرّف على بلد آخر".

المأكولات اللبنانية هي بحدّ ذاتها عامل جذب سياحي، حيث يقصد الزوّار لبنان لتذوق أطباقه التقليدية من الكبة والتبولة وورق العنب إلى البقلاوة. لكنّ ما يميّز هذه الأطباق ليس مكوّناتها فحسب، بل طريقة تقديمها في أجواء المشاركة والاحتفال.

أما بالنسبة إلى المغتربين، فيبقى المطبخ التقليدي الرابط الحي مع الوطن والحنين. ويقول مزوّق إنّ هذه الأطباق تمثّل الامتداد الطبيعي للذاكرة الجماعية. وعندما سألناه عن توسيع مشاريع مثل "طاولة" لتشمل المغتربين والأجانب، أجاب: "إن وجود مائدة لبنانية تقليدية في كل منطقة من مناطق الاغتراب هو أمر جميل وذو دلالة عميقة"، موضحاً أنّ "مشروع "طاولة" يمكن أن يشكّل مركزاً يذكّر بتاريخ المناطق التي أتى منها المغتربون".

وبالنسبة إليه، فان "حضور الطعام التقليدي في مدن الاغتراب ليس مجرّد ترف، بل وسيلة حيّة وفعّالة لتجسيد تاريخ لبنان، لا عبر كتاب أو متحف، بل من خلال مكان نابض بالحياة، تطهو فيه النساء الأطباق، ويروين من خلالها حكاية الوطن وأصول المهاجرين".

التواصل والكرم 

 لا تختصر المائدة بإشباع الجوع، بل هي مساحة للتواصل وبناء العلاقات، "الطعام هو من أكثر الأمور التي تجمعنا كلبنانيين بالرغم من تعدد المناطق واختلاف الأذواق وطريقة تحضير الوصفة الواحدة". وتُشكّل المازة اللبنانية، المؤلّفة من مجموعة أطباق صغيرة يتقاسمها الحاضرون، نموذجاً لهذا البُعد الاجتماعي، حيث تمتد الجلسات لساعات في جوّ من الحكايات والضحك والدفء.


ويبقى كرم الضيافة سمة لبنانية أساسية، إذ يحرص اللبنانيون على استقبال الضيوف كما لو كانوا من أهل البيت، فلا يغادر أحد المائدة إلا ممتلئ المعدة والقلب.

في قلب مار مخايل، حيث تختلط رائحة الذكريات بنبض المدينة بيروت، زرنا مطعم "طاولة" والتقينا الطاهية اللبنانية العائدة من الاغتراب هناء خليل. لم تتعلّم الطهو في معهد، بل من هاتفها، وكانت شقيقتها الدليل والمعلّمة في كل مرة. مطبخها الخاص أصبح صفّها الدراسي، وتخرّجت فيه بشهادة من تذوّق مأكولاتها وتذكّر الوطن.

ببساطة وعفوية، دخلنا معها المطبخ، مزجنا الكبة بـ"الكمّونة". ووسط  ضجيج التحضيرات، تروي كيف استعانت بالتوابل لتستحضر نكهة الوطن.

 من الذاكرة إلى المائدة

بالنسبة إلى هناء، لم تكن العودة مجرّد قرار، بل مشروع عاطفي أرادت عبره أن يعتاد أولادها على طعم لبنان. الطبخ بالنسبة إليها ليس مهنة، بل وسيلة يومية للحفاظ على هوية لا تغيب. كل طبق تجهّزه يحمل حكاية، وكل نكهة تروي سيرة مكان.

كمال مزوّق: الطعام هو الأرض

وراء هذا المشروع تقف رؤية كمال مزوق، مؤسّس "سوق الطيب" و"طاولة"، الذي يرى في الطعام تعبيراً صادقاً عن الشعوب وجذورها. يقول: "ما نأكله هو من إنتاج هذه الأرض التي تعطينا كل ما نحتاجه".

لا يقدّم "طاولة" الطعام فحسب، بل يعدّ مساحة مستدامة لحفظ التراث ودعم الطهاة المحليين وخلق فرص عمل. مشروع مزوق يعكس، من خلال "سوق الطيب"، تنوّع المناطق اللبنانية ووحدتها، تحت مظلة النكهات.

المطبخ، كما يقول مزوق، "كائن حي، يخضع للتطوّر المستمر". تتبدّل النكهات، لكن الروح تبقى. أما للمغتربين، فالأطباق اللبنانية ليست ترفاً، بل امتداد لذاكرتهم، وجسر يومي يربطهم بجذورهم. كل طبق يُقدَّم في الغربة هو حكاية تُروى بطبقٍ من الحب.

باربرا مسعد

"المونة اللبنانية تتعلّق بالصمود والهوية"

وتلفت صاحبة العديد من كتب الطبخ (أحدثها "بيروت إلى الأبد") إلى أن المطبخ اللبناني، ومن ضمنه المونة "لا يقتصر على الوصفات، بل يتعلق بالذاكرة والصمود والهوية. نشأت المونة نتيجة الحاجة خلال الحكم العثماني، عندما دُفعت الضرائب الباهظة وساد عدم الاستقرار، اضطرت الأسر الريفية إلى الاعتماد على الحفظ للنجاة من فصول الشتاء القاسية وانعدام الأمن السياسي. واستمر الأمر مع كل الحروب والأزمات التي عانينا منها على مر السنين. وكذلك بسبب الأحوال الجوية في القرى النائية".

ولا تغفل مسعد التي وثّقت الكثير من أجزاء المطبخ اللبناني كتابةً وتصويراً، عن أنه يتألف من بوتقةٍ من المأكولات الإقليمية وتأثيرات الغزاة عبر التاريخ، وطرق التوابل العربية، وتأثير البحر الأبيض المتوسط وتجارته، فترى أن ما يميّزه هو "توازنه الحيوي بين النكهات، وجذوره الثقافية العميقة، وكيف يعكس جغرافية لبنان المتنوعة وتاريخه وكرم ضيافته"، مع إشارتها إلى أهمية المازة: "فلسفة الضيافة، والمحادثة، والودّ (...) الطعام ثقافة، وأفضل طريقة للتعمق في ثقافة مشاركة الطعام مع السكان المحليين". 

ولا تخفي مسعد خوفها من اندثار مأكولات وعناصر من المطبخ اللبناني مستقبلاً، على غرار ما حصل فعلاً في الماضي وفق ما تؤكد: "لهذا السبب أعمل على إعداد هذه الكتب، لإبقائها حيةً للأجيال المقبلة، لمواصلة طهو أطباقنا التقليدية".

أحتفظ خارج نافذتي المطلة على بيروت بنبتة حبق خضراء جداً. زرعتها أمي بيديها، أخاف عليها جداً وأحبّها أكثر، فهي ما سيبقى بعد "عمر طويل"، رائحة حيّة من "ست الحبايب". بالنسبة إلى بعضهم، هي مجرّد "زرّيعة" كما نسمّيها نحن اللبنانيين، وإلى البعض الآخر رائحة عطرية جميلة، أو مكوّن شهي يُضاف إلى المأكولات، لكنها بالنسبة إلى باربرا مسعد، الكاتبة والباحثة اللبنانية الأميركية في مجال الطبخ، مثل "زريعة أمي"، هي جزء من الهوية، من قصص صمود من الماضي، وحياة في الحاضر، وأمل للمستقبل.

تتحدث مسعد لـ"النهار" بشهية عن تفاصيل كثيرة تتعلق بـ"المطبخ اللبناني"، ابتداءً من المونة قديماً، إلى تطور المأكولات في يومنا هذا. تشير إلى أن كلمة "مونة" مشتقة من الكلمة العربية "مَنَ"، أي التخزين، موضحةً: "في القرى النائية في كل أنحاء لبنان، كان يتم تحضيرها خلال موسم الحصاد، موسم الوفرة. كانت تُحوّل الفاكهة والخضراوات والأعشاب والنباتات وكل أنواع المنتجات الحيوانية إلى أغذية يمكن حفظها بأمان لفترة زمنية معينة، عادةً ما تكون سنة تقويمية".

وتعدّد مسعد أنواع المونة كأنها تصف البرطمانات الملوّنة في نملية: المربى والدبس والشراب المكثّف، والكبيس المخلّل، والزيت والزيتون، والفاكهة المجففة، والزهور البرية والأعشاب العطرية، والحبوب والبذور، والمكسرات، ومنتجات القمح، ومنتجات الألبان، واللحوم على غرار القاورما.

زوجان كرّسا حياتهما لفن صناعة المونة

عشقٌ وأكثر

ليس الهدف فقط صناعة المونة، بل أيضاً تقديمها بكرم وحب. فالزبائن لا يأتون فقط ليشتروا كيلو زعتر أو كشك، بل ليشعروا بصدق الضيافة، يتشاركون فنجان قهوة، ويشاركون العائلة لحظات من الدفء والترحاب. هذه العلاقة الحميمة مع الناس تجعل من المونة أكثر من مجرد سلعة، بل تجربة ثقافية واجتماعية تعكس روح البلد والناس.

تواجه أنطوانيت تحديات كثيرة، منها التعب البدني وحاجتها إلى الاستراحة أحياناً، ولكن إيمانها بالعمل الذي تقوم به يدفعها للاستمرار. وهي تحلم اليوم بتوسيع مشروعها ليشمل محلاً خاصاً، ويصبح بيتها المصنع الذي يشتهر به لبنان وحتى في أماكن بعيدة مثل هونغ كونغ.

في النهاية، المونة هنا ليست مجرد طعام محفوظ، بل قصّة حياة، تعب، حرفة، وتراث ينبض بالحبّ والاهتمام، يحمل بين طيّاته دفء المنزل وروح الكرم.

في قلب منطقة دير القمر، يعيش زوجان مكرّسان لفن صناعة المونة المنزلية، رحلة عريقة مستمرة منذ أكثر من ثلاثة عقود. أنطوانيت داود، صاحبة اليد "الذهبية"، تصف عشقها لهذا العمل الذي لا يفارق حياتها وحياة زوجها. بالنسبة إليهما، المونة ليست مجرد طعام محفوظ، بل هي تراث وجزء من الروح والذاكرة، تعبّر عن هوية عائلتهما وكرم ضيافتهما.

تبدأ القصة من البساطة؛ في الماضي، كان الاعتماد على السوق محدوداً، وكان الجدود يكتفون بالمونة المصنوعة في البيت لتأمين الطعام طوال العام. أما اليوم، فقد تطور الأمر ليشمل أكثر من مئة صنف، بين أطعمة موسمية وحافظات طبيعية، تقدَّم بأيدٍ ماهرة تراعي الجودة والنظافة. أنطوانيت تفتخر بأنها وزوجها لا يعتمدان على أحد، ويشرفان شخصياً على تحضير كل صنف، يبدعان في ابتكار منتجات جديدة، ويحافظان على نقاء المكونات الطبيعية بعيداً عن المواد الحافظة.

"Le Chef"

حكاية مطعم وذاكرة مدينة

روّاد المطعم هم من رسموا ملامحه. سيّدة طلبت يوماً "مغربية" فتكرّرت الطلبات، ثم قرروا: الثلاثاء مغربية، الأربعاء كبّة، والخميس يخنة بامية. هكذا تشكلت القائمة، لا من وصفات محفوظة، بل من ذاكرة الزبائن، ومن أطباق الجدّات.

اليوم، يتولى شربل، ابن المؤسّس، وشقيقه بول، مهمة الحفاظ على هذا الإرث. ورثا المطبخ كما ورثا الحكايات، وقرّرا أن يبقيا وفيين لوصفة الوالد، لا في الأكل فحسب، بل في الروح: السرعة، الجودة، والسعر المدروس. "نحن أسرع من المكدونالدز، وأطيب"، يهمس أحد الزبائن وهو يلتهم صحن ملوخية.

مرّ بالمطعم ممثلون، سياسيون، وكتّاب. لكن اللحظة الأبرز كانت في صيف 2020، بعد انفجار مرفأ بيروت. كان الحيّ مدمّراً، والناس مذهولين، حين توقّفت سيّارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أمام المطعم. خرج شربل من بيته، ملهوفاً ليصافح الرجل، لا لشيء، إلا ليقول: "نحن ما زلنا هنا".

في قلب حيّ الجمّيزة العتيق في بيروت بين الأزقة الضيّقة يقع مطعم صغير اسمه "Le Chef" . لا لافتة لامعة، ولا ديكور فاخر، لكن ما إن تخطو إلى الداخل، حتى تشعر كأنك دخلت بيتاً دافئاً يشبه ذاكرة اللبنانيين.

تبدأ الحكاية عام 1967عندما قرّر ثلاثة إخوة، أحدهم طاهٍ تعلّم المهنة من عمّه، أن يؤسّسوا مطعماً يجمعهم في مشروع عائلي بسيط. تنقّلوا بين الحمراء والجمّيزة بحثاً عن مكان، حتى استقرّت بهم الحال في هذا الركن من المدينة شارع الجميزة الرئيسي هذا المكان الذي يعتبر أكبر وأطول الشوارع في لبنان. سمي شارع الجميزة بهذا الاسم نسبةً لشجرة جميز ضخمة كانت موجودة في المنطقة، حيث كان الناس يتجمعون تحتها.

اختاروا له اسماً بسيطاً : "Le Chef" لم يكن الاسم استعراضاً، بل هو احترام لمهارة الأخ الذي كان "شيف". كانت الفكرة أن يقدّموا كل شيء: "بيتزا، برغر، بوظة... لكن شيئاً فشيئاً، بدأت رائحة الطبيخ البيتي تطغى على كل شيء".

صفيحة بعلبكية

مزرعة الأخوين أبو صعب

تجربة رائعة من الشجرة إلى طاولة المطعم

ميزة أخرى تقدمها المزرعة للزوار هي إمكان قطف المنتجات الزراعية بأنفسهم من الحقول وتذوّقها مباشرة. هذه التجربة تُظهر مستوى النظافة والنقاء في الإنتاج، وتمنح الزائر فرصة للتفاعل المباشر مع مصدر طعامه.

وتلفت صاحبة العديد من كتب الطبخ (أحدثها "بيروت إلى الأبد") إلى أن المطبخ أثناء التجوال، لاحظنا كذلك منتجات أخرى تنتجها المزرعة، مثل صابون اللافندر الطبيعي 100% المستخلص من النباتات، والقهوة المحمصة بطريقة تقليدية على الفحم. هذه المنتجات تعكس التزام المزرعة الجودة والاعتماد على الموارد الطبيعية بالكامل.

المزرعة ليست فقط مكاناً للإنتاج الزراعي، بل تضم أيضاً أكاديمية زراعية تنظّم محاضرات وورش عمل توعوية تهدف إلى تعليم المزارعين والزوار أفضل ممارسات الزراعة المستدامة، وطرق الحفاظ على التربة والبيئة عموماً. هذه الجهود تسهم في نشر الوعي بأهمية الزراعة البيئية وتطوير قطاع الزراعة المحلي بما يتناسب مع التحديات البيئية.

تتوزع في المزرعة مناطق مخصصة للضيافة حيث يمكن للزائرين الاستراحة وتناول المشروبات المحلية، وسط أجواء هادئة تطل على الطبيعة المحيطة. الهواء نظيف، والهدوء يكسو المكان، ما يتيح فرصة للتأمّل والراحة بعيداً عن صخب المدن.

المزرعة توفر بيئة متكاملة تتفاعل فيها النباتات، والحيوانات الصغيرة، والنحل، ما يعزّز النظام البيئي المتوازن. الحاضنة المخصصة للطيور تضمن توفير الغذاء والحماية لمختلف أنواع الطيور، ما يزيد من التنوع الحيوي داخل المزرعة.

  مزرعة الأخوين أبو صعب تمثل نموذجاً عملياً لنجاح الزراعة المستدامة في لبنان، حيث تلتقي المعرفة التقنية بالتقاليد الزراعية الأصيلة. المشروع لا يقتصر فقط على إنتاج محاصيل طازجة وطبيعية، بل يعكس اهتماماً حقيقياً بالحفاظ على البيئة والموارد الطبيعية.

في منطقة عين زحلتا ضمن محميّة أرز الشوف الطبيعية في جبل لبنان، تقع مزرعة الأخوين أبو صعب التي تأسّست عام 2017 بالشراكة مع محميّة أرز الشوف ومجموعة من الخبراء الزراعيين من أكثر من 11 دولة. جاء هذا المشروع بهدف تطبيق أسس الزراعة المستدامة والحفاظ على البيئة في منطقة تتميز بتنوعها الطبيعي الفريد.

  تنتج المزرعة مجموعة واسعة من الخضروات والفواكه مثل البقدونس، والبندورة بمختلف أنواعها، والزعتر، والتفاح المجفف تحت أشعة الشمس. كل الأنواع تزرع باستخدام طرق زراعية صديقة للبيئة، مع الحرص على عدم استخدام المواد الكيماوية والاعتماد على مصادر طبيعية للعناصر الغذائية. وبإمكان الزائر قطف المنتجات بنفسه وطلب تحضيرها للغداء أو "الترويقة"، حيث يوفر مطعم الأخوين هذه التجربة الجميلة.

من العناصر الأساسية في المزرعة نظام تدوير المخلفات العضوية، إذ تُحوَّل إلى كومبوست طبيعي يعزّز خصوبة التربة ويقلّل من النفايات. ويعتمد أصحاب المزرعة على استخدام المياه النقيّة المعالجة بطريقة طبيعية عبر نظام إبريق الفخار الذي يزيل الكلس من الماء، ما يضمن ريّاً جيّداً وصحياً للنبات.

لبنة بعلبكية

مئـــــة طبـــق وأكثـــــر

على المائدة اللبنانية