وثيقة حبّ للبنان

نايلة تويني

في حين تتراكم الأخبار القاسية وتثقلنا هموم السياسة والاقتصاد، نختار في "النهار" أن نُطلق عدداً استثنائياً، لا للهروب من الواقع، بل للعودة إلى الجوهر. إلى ذاك الوجه الآخر للبنان: وطن الجمال المترامي بين الجبل والبحر، وطن الحياة التي لا تنكسر، وحواضر التسامح والإيمان، والسياحة التي لا تشيخ.

هذا العدد ليس ترفاً تحريريّاً، بل هو مشروع وطني نابع من قناعة عميقة بأن السياحة ليست موسماً عابراً، بل رافعة اقتصادية وثقافية واجتماعية تحتاج إلى رؤية ودعم. نصدره ليكون مرجعاً دقيقاً، ووثيقة حبّ للبنان الذي نريد أن نراه ونُريده.

نأخذ المتابعين في جولة على المحميات الطبيعية ومسارات المشي، من غابات الأرز في بشري وتنورين والشوف إلى وادي قاديشا ولامارتين وغزير، حيث الطبيعة مسرح لصفاء الروح.

نتوقف عند السياحة البيئية التي تهمس لنا بأنّ لبنان لا يزال يتنفّس، وبأنّ الجبال والوديان تحمل في صمتها حكمة الأجيال وتنوعاً بيولوجياً نادراً.

نُضيء على السياحة الدينية، حيث تتجاور الأديان في رسالة أقوى من الزمن، من سيدة حريصا إلى مقام النبي أيوب والمساجد الأثرية، مروراً بدروب القديسين وكنوز الروح.

نروي حكاية المونة اللبنانية، عندما يجتمع التراث والانتماء والحب لتصنع هوية "الطاولة اللبنانية" التي تتصدر المطابخ العالمية.

نحتفي بالحرفيين الذين يصنعون من الطين والزجاج والخشب هوية يدوية، وبالأسواق القديمة التي لا تزال تحرس ذاكرة المدن والضيع.

ندخل إلى المتاحف التي تحفظ التاريخ، ونتوقف عند المواقع الأثرية التي تذكرنا بأن للبنان جذوراً ضاربة في الزمن، من بعلبك إلى عنجر وصور وفقرا ونيحا وغيرها.

نزور بيوت الضيافة التي تفتح أبوابها على حكايات دافئة، والفنادق الأثرية التي تعيد تعريف الفخامة بروح لبنانية صافية مفتوحة على سحر الزمن.

نتتبع الشلالات والأنهر التي تسقي هذا الوطن من الجنوب إلى الشمال. ولا ننسى بيروت التي لا تنام. السهر هنا ليس طقساً ليلياً فقط، بل فعل حياة.

هذا العدد هو مرآة للبنان كما نراه: بلد التنوع والتجدّد، بلد الفصول الأربعة في يوم واحد، بلد الأساطير والكرم، والنكهات والضوء.

ندعوكم لاكتشافه من جديد، لا كزوار بل كعشاق.

وندعو العالم إلى أن يراه بعين المحبة لا بعين الأحكام المسبقة.

نُصدر هذا العدد لنقول: هذا هو لبنان الذي نعرفه، لبنان الذي يستحق أن يُزار، أن يُستثمر فيه، وأن يُعاش.

هذا العدد هو جزء من مشروع ضخم مستمر تطلقه "النهار"، سنوثّق من خلاله كل معاني لبناننا ومعالمه الفنية والثقافية والأثرية والتراثية والتاريخية والبيئية...

هو مشروع يتواصل مع الأجيال كافة عبر منصات "النهار" في مواقع التواصل وموقعنا الإلكتروني والصحيفة بنسختيها اللبنانية والعربية.

ومن لبنان إلى دنيا العرب، تحضير لمشاريع سياحية وثقافية لا تعرف الحدود، صوناً للإرث الغني المتنوع وتعريفاً للأجيال به بعين جديدة، وممارسةً لرسالتنا التي تحتفي بالحداثة العربية وتصون الذاكرة الحضارية.

الفينيقي

(1200 ق.م – 300 ق.م)

"علّمنا العالم كيف يكتب… وكيف يُبحِر"

الأموي والعباسي

(650 – 1200 م)

"شِعرٌ عربي تردّد صداه في الجبال… وتجارة سالت كما الزيت من المعاصر"

الروماني والبيزنطي

(64 ق.م – 600 م)

«بنينا الأعمدة والمعابد وأرضيات الفسيفساء التي لا تزال دافئة بالشمس»

الحملات الصليبية والمماليك

(1100 – 1500 م)

"من الغزاة جاءت الأبراج، ومن الصمود وُلد الجمال"

العثماني

(1516 – 1918 م)

"بخار القهوة في الأسواق… وساحات يملؤها التوق إلى التحرّر"

الانتداب الفرنسي

(1920 – 1943 م)

"كتبنا الدساتير تحت القرميد الأحمر… وحلمنا بدولة" 

الاستقلال والحرب الأهلية

(1943 – 1990 م)

"حلّقنا… وسقطنا… وبقينا أحياء"

السياحة الدينية

رحلة في أرض التنوع والحضارات والأديان. من مغاور النساك في وادي قاديشا، إلى مقام النبي أيوب في أعالي الشوف، مروراً بمسجد ضارب في التاريخ يخاوي البحر، وضريح يستقطب أصحاب الحوائج، إليكم هذه القصص وأبرز معالم السياحة الدينية في لبنان

السياحة البيئية

بين ضباب جبل "عروبة"، وعطر النباتات البرية في وديان "غزير"، ونبض الطبيعة المحمية في "عميق"، وجه آخر للبنان. وجهٌ بريّ نابض بالحياة. في هذه السلسلة، ندعوكم إلى اكتشاف دروب نادرة لا تسلكها السيارات، بل الأقدام. إلى الانغماس في وادي لامارتين حيث كتب الشعراء، وفي محمية عميق حيث تعود الطيور المهاجرة إلى بيتها، وإلى اكتشاف التنوع البيولوجي النادر في محمية حرج إهدن.

الغروب والحياة الليلية

حين يهبط المساء على لبنان، تتبدّل ملامح الطبيعة وتتحوّل اللحظة إلى مشهدٍ يشبه الحلم. تتهادى الشمس نحو الأفق ببطء، تاركة خلفها خيوطًا من ذهب تمتزج بزرقة البحر وصفاء السماء وكأن النهار يودّع المكان بودّ نادر. تلوّن الغيوم بحمرةٍ خافتة

المهن التقليدية

في زوايا القرى وساحات الأسواق القديمة، لا تزال الأيادي تحفظ سرّ النار والطين والخيط والنحاس. في هذا المحور من "عيش لبنان"، نغوص في عالم المهن التقليدية التي شكّلت نبض الحياة اليومية في لبنان، ولاتزال تنبض بإبداعٍ صامد رغم تغيّر الزمن. من صوت المطرقة على النحاس في الأسواق العتيقة، إلى خيوط النول التي تحيك ذاكرة البيوت، ومن رائحة الصابون البلدي إلى دفء الفخار المشغول بحنان، تحكي هذه الحِرف قصص الناس، والبيوت، والأعياد.

طعام وتراث

في لبنان، لا تكتمل تجربة السياحة من دون نكهات المطبخ التي تختزن ذاكرة القرى وروح المواسم. هنا، لا يُقدَّم الطعام فحسب، بل يُروى عبره تاريخ. من أصول "المونة" التي كانت تخزّنها الجدّات لمواجهة الشتاء، إلى تجربة "طاولة" حيث تتحوّل الزراعة إلى ضيافة، يلتقي الزائر بالمذاق الأصيل المحفور في الأرض والحواس

أنهار وشلالات

في قلب الطبيعة اللبنانية، تنساب الأنهار رقراقة بين الجبال والوديان، وتتفجّر الشلالات من الأعالي كأنها تنشد الحرية. ليس مشهد الماء في لبنان تفصيلاً جغرافياً، بل هو نبض حياة ومشهدية ساحرة تعكس روعة التنوّع الطبيعي.

آثار لبنان

في كلّ حجرٍ حكاية، وفي كلّ عمودٍ ظلّ إمبراطورية. من معابد بعلبك إلى مدرّجات جبيل، ومن صور إلى عنجر، يروي لبنان فصولاً من تاريخ الشرق، محفورة على صخورٍ لا تزال تنبض بالحياة. هذا المحور يأخذكم في جولة عبر الآثار التي جعلت من لبنان أرضًا تعبرها الحضارات ولا تمحوها العصور.

شواطئ ساحرة

في الجنوب والشمال، وعلى امتداد الساحل اللبناني، يمتدّ البحر كقصيدة زرقاء تتنوّع أبياتها بين الشواطئ الصخرية والرملية، وبين المغاور البحرية الغامضة والمياه النقيّة التي تأوي الحياة. في هذا المحور من "عيش لبنان"، نستكشف أجمل الشواطئ اللبنانية، من الرمال الذهبية في صور والبياضة، إلى المغاور المائية في البترون.

وفي أقصى الجنوب، تلمع المنصوري كقصة بيئية مشرقة. هناك، تضع سلاحف البحر بيضها في مشهد نادر، ترعاه محمية طبيعية أنشئت بشغف وتفانٍ.

فنادق وبيوت ضيافة

بين جدران حجريّة عتيقة وحدائق تفوح منها رائحة الزمان، تحتضن بيوت الضيافة والفنادق الأثرية في لبنان تجربة ضيافة لا تشبه سواها. إنها محطات إقامة تتجاوز المبيت، لتحكي قصص بيوتٍ أعادت الحياة إلى تراث معماري مميّز، وقرى تنفّست من جديد مع كل زائر يطرق أبوابها.

نشاطات ومغامرات

من أعماق البحر إلى قمم الجبال، يفتح لبنان ذراعيه لعشاق المغامرة والباحثين عن تجارب استثنائية. في هذا المحور، نرافق الغطّاسين إلى كهوف البحر الغامضة، ونحلّق مع محبّي الطيران الشراعي، ونتسلّق الجبال في مسارات تختبر حدود الإرادة.

فنانون

نُسلّط الضوء على فنّانين استلهموا من تنوع الأرض وجمالها لوحاتٍ ونصوصٍ وأصواتٍ تنسج جسوراً بين التاريخ والحاضر. من الرسّامين الذين يرسمون الأرز على قماشتهم بألوان الفجر، إلى النحاتين الذين يحيون الحجر بحسّ معاصر، وإلى موسيقيين ينتجون ألحاناً تحمل عبق الأرز والشمس.

 يفتح فنّانون في "عيش لبنان" أبواب ورشهم وأستوديوهاتهم، ويدعوننا لاكتشاف قصة كل قطعة فنية وكيف تحاكي هوية المكان وتسرد حكايات القرى والجبال والشواطئ.

كهوف ومغاور

حين يضيق الأفق في الأعلى، يتّسع في الأعماق. في مغاور لبنان، تفتح الطبيعة دفاترها السرّية، وتروي عبر قطرات الماء المتراكمة منذ آلاف السنين قصة زمنٍ حُفر في الصخر. من جعيتا، التحفة العالمية التي تسكن ذاكرة كل زائر، إلى مغاور كفرحتا وعيون السيمان ومعاصر الشوف ومغاور عكار، يشكّل هذا العالم الباطني تجربة حسّية فريدة، مزيجاً من الدهشة، والرهبة، والجمال الصامت.

متاحف

من المتحف الوطني في بيروت، حيث تختصر التماثيل والموزاييك تاريخ آلاف السنين، إلى متاحف خاصة تتوزّع بين الجبال والسواحل، يروي كل مكان قصة مختلفة: عن المقاومة، عن الطفولة، عن الصناعة، عن الحرف، عن الشعر والرسم والموسيقى.